понедельник, 25 апреля 2011 г.

«مبغَضين من جميع الامم»

في الامسية الاخيرة التي قضاها يسوع مع رسله قبل موته، ذكَّرهم‏: «ليس عبد اعظم من سيده. إن كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم. وإن كانوا قد حفظوا كلامي فسيحفظون كلامكم. لكنهم انما يفعلون بكم هذا كله من اجل اسمي لأنهم لا يعرفون الذي ارسلني.» - يوحنا ١٥‏:٢٠، ٢١ .
لم يكن يسوع يفكِّر في مجرد حالات منفردة من عدم التسامح. فقبل ثلاثة ايام فقط قال‏: «تكونون مبغَضين من جميع الامم لاجل اسمي.» - متى ٢٤‏:٩ .
لكنَّ يسوع نصح أتباعه انهم عند مواجهة الاضطهاد لا يجب ان يلجأوا الى الاسلحة الجسدية. (متى ٢٦‏:٤٨-٥٢) ولا يجب ان يشتموا مضطهِديهم او يسعوا الى الانتقام. (رومية ١٢‏:١٤؛ ١ بطرس ٢‏:٢١-٢٣) أفلا يمكن ان يصير حتى اولئك المضطهِدون مؤمنين يوما ما؟ (اعمال ٢‏:٣٦-٤٢؛ ٧‏:٥٨-٨‏:١؛ ٩‏:١-٢٢) فالانتقام كان يجب ان يُترك لله. - رومية ١٢‏:١٧-١٩ .
من المعروف جيدا ان المسيحيين الاولين كانوا مضطهَدين بقسوة من الحكومة الرومانية. ولكن من الجدير بالملاحظة ايضا ان مضطهِدي يسوع المسيح الرئيسيين كانوا القادة الدينيين وأن بيلاطس البنطي، الحاكم الروماني، نفَّذ الحكم في يسوع لانهم طلبوا ذلك. (لوقا ٢٣‏:١٣-٢٥) وبعد موت يسوع، كان القادة الدينيون ثانية في طليعة الذين اضطهدوا أتباع يسوع. (اعمال ٤‏:١-٢٢؛ ٥‏:١٧-٣٢؛ ٩‏:١، ٢) ألم تكن الحالة كذلك ايضا في الازمنة الاحدث؟
معاملة وحشية في معسكرات الاعتقال
كان ادولف هتلر حليفا طوعيا لرجال الدين. وفي السنة ١٩٣٣، السنة نفسها التي وُقِّعت فيها اتفاقية بين الڤاتيكان والمانيا النازية، شنَّ هتلر حملة لابادة شهود يهوه في المانيا. وبحلول السنة ١٩٣٥ حُرموا من حماية القانون في الامة بكاملها. ولكن مَن حرَّض على ذلك؟
اذ كتب كاهن كاثوليكي في دِر دوتشه ڤايڠ (جريدة تصدر باللغة الالمانية في لودز، پولندا)، قال في عددها الصادر في ٢٩ ايار ١٩٣٨‏: «هنالك الآن بلد واحد على الارض حيث المدعوون . . . تلاميذ الكتاب المقدس [شهود يهوه] تحت الحظر. انه المانيا! . . . وعندما تولَّى ادولف هتلر السلطة، وكرَّرت الاسقفية الكاثوليكية الالمانية طلبها، قال هتلر‏: ‹ان المدعوين تلاميذ الكتاب المقدس الجدّيين [شهود يهوه] هؤلاء هم مثيرون للمتاعب؛ . . . انا اعتبرهم دجالين؛ ولا احتمل ان يلوِّث القاضي الاميركي رذرفورد هذا الكاثوليك الالمان بهذه الطريقة؛ انا احلّ [شهود يهوه] في المانيا.›» - الحروف المائلة لنا.
وهل كانت الاسقفية الكاثوليكة الالمانية وحدها التي ارادت اتخاذ اجراء كهذا؟ كما ورد في Oschatzer Gemeinnützige، عدد ٢١ نيسان ١٩٣٣، تكلم القس اللوثري أوتو في خطاب اذاعي في ٢٠ نيسان عن «التعاون الاوثق» من جهة الكنيسة اللوثرية الالمانية لولاية سكسونيا مع القادة السياسيين للامة، ثم اعلن‏: «ان اولى نتائج هذا التعاون يمكن ان يُخبَر بها في الحظر الذي فُرض اليوم على جمعية تلاميذ الكتاب المقدس الجدّيين من جميع الامم [شهود يهوه] وأقسامها الفرعية في سكسونيا.»
وبعد ذلك اطلقت الدولة النازية العنان لاحد اكثر الاضطهادات بربرية ضد المسيحيين في التاريخ المسجَّل. فأُلقي آلاف من شهود يهوه - من المانيا، النمسا، پولندا، تشيكوسلوڤاكيا، النَّذَرلند، فرنسا، وبلدان اخرى - في معسكرات الاعتقال. وهناك أُخضعوا لاكثر المعاملات قساوة وسادية التي يمكن تصورها. ولم يكن غير عادي ان يُشتموا ويُرفسوا، ثم ان يُجبَروا على القيام بحركات شاقة تشمل حني الجسم عند الركبتين، القفز، والزحف ساعات دون انقطاع، حتى يُغمَى عليهم او ينهاروا من التعب الشديد، فيما يضحك الحرّاس بابتهاج. وأُجبر البعض على الوقوف عراة او بثياب قليلة في الفِناء في منتصف الشتاء. وجُلد كثيرون حتى أُغمي عليهم وتغطَّت ظهورهم بالدم. واستُخدم آخرون كحقول تجارب في الاختبارات الطبية. وعُلِّق البعض من معاصمهم وأذرعهم مربوطة وراء ظهرهم. ورغم ضعفهم بسبب الجوع ولباسهم غير الكافي في الطقس القارس، كانوا يُجبَرون على القيام بأشغال شاقة، عاملين ساعات طويلة، مستعملين غالبا ايديهم فيما كانت تلزم الرفوش والادوات الاخرى. والرجال والنساء على السواء أُسيئت معاملتهم على هذا النحو. وكانت اعمارهم تتراوح بين سنوات المراهقة والسبعينات. وكان معذِّبوهم يصرخون متحدّين يهوه.
وفي محاولة لاضعاف معنويات الشهود، امر قائد المعسكر في زاكسنهاوزن باعدام اوڠست ديكمان، شاهد حدث، في حضور جميع السجناء، مع وجود شهود يهوه في المقدِّمة حيث يكون الوقع شديدا عليهم. وبعد ذلك صُرف باقي السجناء ولكن كان على شهود يهوه ان يبقوا. وبتشديد كبير سألهم القائد، ‹مَن هو مستعد الآن لتوقيع البيان؟› - بيان ينكر فيه المرء ايمانه ويعبِّر عن الرغبة في الصيرورة جنديا. فلم يُجب احد من الشهود ال ٤٠٠ او اكثر. ثم تقدَّم اثنان! كلا، لا ليوقِّعا، بل ليطلبا الغاء توقيعيهما اللذين أُعطيا قبل سنة تقريبا.
وفي معسكر بوكنْوُلد مورس ضغط مماثل. فقد ابلغ الضابط النازي رودل الشهود‏: «اذا رفض احدكم ان يقاتل ضد فرنسا او انكلترا، فستموتون كلكم!» وكانت تنتظر عند بيت الحراسة فرقتان من وحدات الحماية ال SS مدجَّجتان بالسلاح. فلم يستسلم ولا واحد من الشهود. وتبعت ذلك معاملة قاسية، لكنَّ تهديد الضابط لم يُنفَّذ. وصار معروفا جيدا ان الشهود، فيما يقومون في المعسكر بأيّ نوع تقريبا من العمل يعيَّن لهم وعلى الرغم من معاقبتهم بالتجويع المنظَّم والعمل الشاق، يرفضون بثبات ان يفعلوا شيئا يدعم الحرب او موجَّها ضد رفيق سجين.
يعجز الكلام عن وصف اختباراتهم المريعة. لقد مات مئات منهم. وبعد تحرير الناجين من المعسكرات في نهاية الحرب كتب شاهد من فلاندر‏: «الرغبة الثابتة في العيش، الرجاء والثقة بيهوه، الذي هو كلي القدرة، والمحبة للثيوقراطية، هي التي مكَّنتنا من احتمال كل هذا واحراز النصر. - رومية ٨‏:٣٧ .»
لقد أُبعد الوالدون عن اولادهم بلا رحمة. وأُبعد رفقاء الزواج احدهم عن الآخر، والبعض لم يسمعوا ثانية قط احدهم عن الآخر. وبعد وقت قصير من زواجه قُبض على مارتن پويتسنڠر وأُخذ الى المعسكر السيئ السمعة في داخاو، ثم الى ماوتهاوزن. وسُجنت زوجته، ڠيرتْرُوت، في رَڤنْسْبروك. ولم يريا واحدهما الآخر طوال تسع سنوات. واذ تذكَّر اختباراته في ماوتهاوزن، كتب لاحقا‏: «جرَّب الڠستاپو كل طريقة لحملنا على كسر ايماننا بيهوه. فنظام التجويع، الصداقات الخدَّاعة، الاعمال الوحشية، الاجبار على الوقوف في زنزانة ضيقة جدا يوما بعد يوم، التعليق بعمود طوله عشر اقدام (٣ م) من المعصمين وهما ملويَّان وراء الظهر، الجَلد - كل هذه وغيرها من الامور التي ذكْرها مخز جدا، جُرِّبت.» لكنه بقي وليا ليهوه. وكان بين الناجين ايضا، وخدم لاحقا كعضو في الهيئة الحاكمة لشهود يهوه.

Комментариев нет:

Отправить комментарий